استمراراً للتظاهرات العلمية المبرمجة للاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيس الجامعة، والمتزامنة مع الذكرى السبعين لاندلاع ثورة نوفمبر المجيدة، استضافت كلية الآداب اليوم الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 المخرج السعيد عولمي، ذلك الإعلامي المعروف بأعماله التلفزيونية الهادفة والمتميزة.

شهدت هذه الفعالية عرض الفيلم الوثائقي "مدرسة دار الحديث فضاء علم وعبادة"، وهو عمل فني متميز حاز على إشادة واسعة وتكريمات عديدة على المستويين الوطني والعربي، لم يكن اختيار الفيلم الوثائقي "مدرسة دار الحديث فضاء علم وعبادة" كمحور أساسي للفعالية اعتباطياً، بل جاء ليكون شاهداً حياً على الدور المحوري الذي لعبته هذه المؤسسة العلمية العريقة في صياغة هوية مدينة تلمسان، فمدرسة دار الحديث لم تكن مجرد مكان لتلقي العلم والمعرفة، بل كانت حاضنة للأجيال، وصانعة للوعي، وداعمة للحركة الوطنية، من خلال لغة بصرية ساحرة وشهادات حية، استطاع المخرج السعيد عولمي أن يرسم لوحة زاهية عن هذه المدرسة، وكيف كانت ملاذاً للمثقفين والمناضلين، وكيف ساهمت في نشر الفكر الإصلاحي.

إن هذا الفيلم ليس مجرد عمل فني، بل هو وثيقة تاريخية تعكس عمق الجذور الثقافية للمدينة، وتدعونا إلى الحفاظ على هذا الإرث الثمين والتعلم من دروس الماضي لبناء مستقبل أفضل، لم يقتصر دور هذه الفعالية على عرض فيلم وثائقي، بل تجاوز ذلك إلى خلق حوار فكري مثمر بين الأكاديميين والفنانين والحضور، فقد شكل هذا التلاقي بين الجانب الأكاديمي، المتمثل في اختيار موضوع الفيلم، والجانب الإبداعي، المتمثل في العمل الفني نفسه، فرصة فريدة لتوسيع آفاق الحضور حول تاريخ المدينة وثقافتها.

ختامًا، يمكن القول إن هذه التظاهرة الثقافية تمثل نموذجًا يحتذى به في مجال الاحتفاء بالمناسبات الوطنية، حيث تمكنت جامعة تلمسان من دمج الجانب الأكاديمي بالجانب الثقافي والفني، لتقدم للجمهور عملاً متميزًا يجمع بين المتعة والمعرفة.