إعلان 27-11-2024

الفيلم الوثائقي "كاليدون": تقاطع بين السينما والتاريخ والأكاديمية

في خضم الاحتفالات بالذكرى الخمسين لتأسيس جامعة أبو بكر بلقايد تلمسان، شهدت كلية الآداب حدثًا ثقافيًا متميزًا جمع نخبة من المبدعين والأكاديميين لتسليط الضوء على صفحة مهمة من التاريخ الجزائري المنسي، تجلى هذا في محاضرة استثنائية حول الفيلم الوثائقي "كاليدون، ذاكرة المنفى الأبدي" الذي يمثل محاولة جادة لإعادة الاعتبار للأرواح المنفية وكشف الحقائق المغيبة.
يمثل هذا الفيلم أكثر من مجرد عمل توثيقي تقليدي، بل هو رحلة استكشافية في مسارات الذاكرة الجماعية وآليات حفظها، من خلال توظيف الصورة السينمائية كأداة تعليمية وتربوية، نجح المخرج في تجاوز حدود السرد التاريخي التقليدي، ليقدم شهادة حية على معاناة الأرواح المنفية.
استطاع المخرج الفذ السعيد عولمي، بمهارة السينمائي والباحث أن يحول الفيلم إلى منصة للتعبير عن الصمت المتراكم عبر عقود من التهميش، فالوثائقي لم يكن مجرد سرد للأحداث بل كان محاولة جريئة لإعادة كتابة التاريخ من منظور الضحايا أنفسهم، مستخدمًا شهادات حية وأرشيفًا نادرًا يروي تفاصيل المنفى وويلاته.
لعبت الدكتورة صارة قاسم دورًا محوريًا في تأطير الرؤية الأكاديمية للفيلم، في محاضرة قيمة تحت عنوان "الفيلم الوثائقي التاريخي كوسيلة بيداغوجية لتدوين وحفظ الذاكرة وتبليغها: رؤى متكاملة بين البحث الأكاديمي والإبداع السينمائي"، استعرضت الدكتورة أهمية الفيلم الوثائقي التاريخي كوسيلة بيداغوجية متكاملة، وذلك لقدرته على الجمع بين البحث الأكاديمي الدقيق والإبداع السينمائي الجذاب، فمن خلال الصورة والصوت والحركة يستطيع الفيلم الوثائقي أن ينقل المشاهد إلى الزمان والمكان التاريخيين، ويجعله يعيش الأحداث وكأنه شاهد عيان عليها.
من خلال "كاليدون المنفى الأبدي"، تم كسر جدار الصمت المحيط بتجارب المنفيين، وإعادة تشكيل الوعي بطريقة نقدية وموضوعية. استطاع الفيلم أن يحول التهميش التاريخي إلى فرصة للتأمل والاستيعاب، مقدمًا نموذجًا متميزًا للسرد التوثيقي الذي يحترم الإنسانية ويعيد الكرامة للأصوات المنسية.
تمثل هذه المحاضرة في جامعة أبي بكر بلقايد محطة مهمة في مسار استعادة الذاكرة، حيث تلاقت الرؤى الأكاديمية والإبداعية لتقديم شهادة حية على قدرة الثقافة في المساهمة بإعادة كتابة التاريخ من منظور إنساني شامل.