في يوم مشهود، تزينت قاعة المحاضرات الكبرى بقطب وسط المدينة اليوم السبت 07 ديسمبر لعام 2024 بأبهى حلّة لتستقبل جموعاً من الأكاديميين والباحثين والطلاب وكبار الشخصيات الذين توافدوا للاحتفال بمرور خمسين عاماً على تأسيس جامعة أبو بكر بلقايد – تلمسان، تتويجاً لمسيرة علمية متميزة وتتويجًا لسلسلة من المحاضرات الأكاديمية التي نظمتها الجامعة طوال العام المنصرم.
افتتحت المراسم بآيات بينات من الذكر الحكيم ثم النشيد الوطني، ليتقدم مدير الجامعة البروفيسور مراد مغاشو بكلمات ترحيبية حارة استعرض فيها بفخر واعتزاز محطات تطور الجامعة عبر العقود الخمسة الماضية، متحدثا بحماس عن الإنجازات العلمية والأكاديمية التي حققتها الجامعة ومسلطاً الضوء على الدور المحوري للأساتذة والطلاب في رفع اسم الجامعة عالياً في وصفه للمؤسسة بأنها صرح علمي يجمع بين الأصالة والمعاصرة ومؤكدا على أهمية الاستمرار في مسيرة التميز والإبداع.
في سياق متصل، ألقى والي تلمسان السيد يوسف بشلاوي، كلمة مؤثرة شدد فيها على أهمية دور الجامعات في بناء مجتمعات المعرفة مؤكد على الدعم الكامل من الدولة للمؤسسات التعليمية وأثنى على الدور المجتمعي للجامعة معتبراً إياها شريكاً أساسياً في عملية التنمية والتطوير وشدد على أهمية الاستثمار في التعليم كأساس للتقدم المجتمعي.
تميز الحفل بعرض وثائقي استثنائي استعرض مراحل تطور الجامعة عبر السنين حيث شاهد الحضور مسيرة مليئة بالإنجازات والتحديات، ومن أبرز ما تضمنه العرض الشهادات الحية لمدراء الجامعة السابقين الذين ساهموا بشكل كبير في بناء هذه المؤسسة العريقة وتم تكريم هؤلاء القادة تقديراً لجهودهم الجبارة وإسهاماتهم القيمة في تطوير الجامعة، ليعتلي المنصة بعد ذلك البروفيسور مصطفى بن مونة تلك الشخصية التي ارتبط اسمها ارتباطًا وثيقًا بتاريخ الجامعة وألقى محاضرة قيمة، وفي لمسة رمزية تعبر عن عمق الروابط بين الأجيال قام بتكريم البروفيسور بن مونة أصغر أساتذة الجامعة، الأستاذ خالد مسعد المولود في 09/12/1995 أستاذ في كلية العلوم الاقتصادية والتسيير الذي يمثل الجيل الجديد من الأكاديميين والذي يواصل مسيرة البناء والتطوير التي بدأها أسلافه.
وفي لمسة مميزة من التكريم والاعتراف تم تكريم عدد من أعضاء هيئة التدريس والموظفين المتوفين الذين تركوا بصمات واضحة في تاريخ الجامعة وتكريم خاص للسيدة نعوم زوجة المشمول برحمة الله الأستاذ مراد -رحمه الله- الذي وافته المنية في شهر سبتمبر المنصرم، كبادرة وفاء وتقدير لفقيدنا العزيز ولتخليد ذكراه الطيبة.
في بادرة كريمة تعكس عمق التقدير والعرفان، تم تكريم عائلة السيد أبو بكر بلقايد الذي يحمل اسمه صرحنا العلمي فقد حظيت السيدة إليزابيث ماري تيريز ميشو زوجة الراحل بتكريم خاص وكذلك السيد مقراني عبد الحميد زوج السيدة فوزية بلقايد والسيد حميدي عبد الحميد زوج أخت بلقايد المتوفاة، هذا التكريم جاء اعترافاً بدور العائلة في دعم مسيرة الفقيد وتقديراً لذكراه الطيبة، كما تم تكريم نخبة من القيادات الأكاديمية السابقة من بينهم نواب المدراء والعمداء والأمناء العامون السابقون للجامعة تقديراً لجهودهم المبذولة في بناء هذه المؤسسة العريقة.
بعد عرض فيديو مؤثر تضمن شهادات لطلبة الجامعة المحليين والدوليين، ألقى البروفيسور جون كوليدياتي رئيس جامعة عموم أفريقيا كلمة مؤثرة أشاد فيها بجامعة تلمسان كنموذج متميز في مجال التعليم العالي مشيداً بجهودها المتواصلة في خدمة العلم، وأضاف أن الجامعة تمثل منارة للفكر والإبداع وتساهم في تشكيل مستقبل الأجيال القادمة، ليتم بعدها تقديم الجوائز لمجموع من الأساتذة المتميزين في السنوات الأخيرة.
أظهرت الجامعة من خلال هذا الاحتفال، تقديرها العميق لدور الرعاة الذهبيين سوناطراك وصينال والوكالة الوطنية للسياحة والأسفار، حيث تم تكريمهم بشهادات تقدير نظير دعمهم السخي والمتواصل.
وفي جوٍ من التنافس الشريف والإبداع، تم تقديم جوائز لأفضل ثلاثة مشاريع مبتكرة وأفضل مقال أدبي في مسابقة "الجائزة الأدبية" وأفضل صورة في مسابقة "أجمل صورة فوتوغرافية"، وميداليات للرياضيين والرياضيات المتميزين مما يؤكد أن التميز في جامعة تلمسان يشمل جميع المجالات وليس مقتصرًا على الجانب الأكاديمي فقط، كما أن الكوادر البشرية وعلى رأسهم القدماء من الموظفين الإداريين والتقنيين والمتعاقدين قد بذلت جهوداً مضنية لتحقيق هذا النجاح لذلك فقد حظي الجميع بتكريم يستحقونه تقديراً لدورهم الحيوي في بناء هذه المؤسسة العلمية.
في ختام هذا الاحتفال البهيج الذي شهد تتويج خمسين عاماً من العطاء العلمي المتواصل، غلب على الحاضرين شعور بالفخر والأمل في المستقبل، فقد أثبتت جامعة أبو بكر بلقايد من خلال هذا الحدث أنها مؤسسة تعليمية عريقة تتمتع بإرث علمي غني وتسعى دائماً إلى التطوير والتجديد، وبينما نودع هذا الاحتفال فإننا ننظر إلى المستقبل بتفاؤل كبير متأكدين من أن الجامعة ستواصل مسيرتها نحو المزيد من الإنجازات وستلعب دوراً محورياً في بناء مجتمع المعرفة في الجزائر.