زيارة 02-02-2025

زيارة علمية مباركة.. الشيخ عكرمة صبري يضيء جامعة تلمسان بنور القدس

في مشهد علمي مهيب يجسد عمق الروابط بين أبناء الأمة الإسلامية، احتضنت جامعة تلمسان شخصيةً علميةً وجهاديةً طالما كانت صوتاً صادحاً بالحق في وجه الظلم، حملت معها أنفاس القدس الشريف وتاريخها العريق، فقد استضافت القاعة الكبرى بقطب وسط المدينة، صباح اليوم الخميس 30 جانفي 2025، فضيلة الشيخ الدكتور عكرمة سعيد عبد الله صبري، خطيب المسجد الأقصى المبارك ورئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس الشريف برفقة الأستاذ الدكتور مبروك زيد الخير، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، بحضور والي ولاية تلمسان السيد يوسف بشلاوي ورئيس المجلس الشعبي الولائي والسلطات المحلية، المدنية والعسكرية للولاية والأسرة الإعلامية.
استهلت الفعاليات بآيات بينات من الذكر الحكيم ثم النشيد الوطني، قدم بعد ذلك السيد مدير الجامعة الأستاذ مراد مغاشو كلمة افتتاحية عبّر فيها عن اعتزاز الجامعة وافتخارها باستضافة فضيلة الشيخ الدكتور عكرمة سعيد عبد الله صبري، مشيداً بمكانته العلمية والدعوية، ودوره البارز في الذود عن المسجد الأقصى المبارك والدفاع عن قضايا الأمة الإسلامية العادلة، وأكد الأستاذ مراد مغاشو أن استقبال شخصية علمية ودعوية بحجم فضيلة الشيخ عكرمة صبري في رحاب جامعة تلمسان يُعدّ شرفاً عظيماً للجامعة ولكل منتسبيها، فهو ليس مجرد عالمٍ جليل، بل يُعدّ رمزاً من رموز النضال والصمود، ونموذجاً يُحتذى به في الجمع بين العلم والجهاد في سبيل الحق، وأضاف مدير الجامعة أن موضوع المحاضرة يحمل أهمية استثنائية، لاسيما في هذا الظرف الدقيق، حيث يتطلب الأمر تجديد الوعي بقدسية المسجد الأقصى ومكانته في العقيدة الإسلامية.
من جانبه، أعرب الأستاذ الدكتور مبروك زيد الخير رئيس المجلس الإسلامي الأعلى عن شكره وتقديره لجامعة تلمسان على هذه الاستضافة الكريمة، مشيدا بالدور التاريخي الذي تلعبه تلمسان في خدمة العلم والمعرفة، مؤكداً على أهمية هذا اللقاء في توعية الشباب المسلم بقضايا الأمة، وفي مقدمتها قضية فلسطين والمسجد الأقصى، وأشاد الدكتور زيد الخير بجهود فضيلة الشيخ عكرمة صبري في الدفاع عن المسجد الأقصى، معتبراً إياه رمزاً من رموز الصمود والتضحية.
يحمل الشيخ صبري في سيرته العلمية رصيداً أكاديمياً ثرياً، فهو حاصل على درجة الدكتوراه في الفقه العام من كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر عام 2001م، والماجستير في الفقه والتشريع من جامعة النجاح الوطنية/نابلس عام 1989م، والبكالوريوس في الشريعة الإسلامية والآداب من كلية الشريعة/ جامعة بغداد عام 1963م. شغل عدة مناصب تعليمية وإدارية، أبرزها مدير مدرسة ومدير للوعظ والإرشاد، وكان المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية (1994-2006م).
له نشاطات دولية وعربية متعددة، منها خطيب المسجد الأقصى، رئيس الهيئة الإسلامية العليا بالقدس، وعضو في عدد من الهيئات العلمية والدعوية، كما له إسهامات علمية بارزة شملت كتبًا ومؤلفات في الفقه والتفسير والدعوة وأصول الفقه، منها "الوقف الإسلامي بين النظرية والتطبيق"، و"التنوير في العقيدة والتفسير"، لكن ما يميز مسيرته حقاً هو تفانيه في خدمة المسجد الأقصى على مدى أربعة عقود، متحملاً في سبيل ذلك شتى أنواع المضايقات والاعتقالات، دون أن يثنيه ذلك عن مواصلة رسالته النبيلة.
بدوره، استهل فضيلة الشيخ الدكتور عكرمة سعيد عبد الله صبري كلمته بتقديم شكره الجزيل للقائمين على هذا الحدث، معرباً عن بالغ امتنانه لجامعة تلمسان على هذه الاستضافة الكريمة، ومشيداً بالجزائر وولاية تلمسان، لما لهما من تاريخ مشرف في نصرة قضايا الأمة الإسلامية، وعلى رأسها قضية فلسطين والمسجد الأقصى المبارك.
في محاضرته القيمة التي حملت عنوان "وقفات وتأملات في ذكرى الإسراء والمعراج"، نسج الشيخ عكرمة سعيد عبد الله صبري خيوطاً متينة بين الماضي والحاضر، مستهلاً حديثه بآيات من سورة الإسراء التي تؤكد قدسية المسجد الأقصى وبركة ما حوله، وبصوت يختلج بالألم والأمل معاً استعرض معاناة المصلين والمرابطين في المسجد الأقصى، مقدماً شهادة حية على الانتهاكات المتكررة لحرمة المسجد المبارك.
وفي تناول عميق للأبعاد العقائدية، أوضح الشيخ المكانة الفريدة التي تحظى بها فلسطين والقدس في الإسلام، مستشهداً بذكرها في القرآن الكريم كأرض مباركة، ومؤكداً ارتباطها بأحداث عقائدية جوهرية، من معجزة الإسراء والمعراج إلى كونها أرض المحشر والمنشر وأبرز فضيلته الأهمية التعبدية للمسجد الأقصى، مشيراً إلى مكانته كأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
وجه الشيخ رسالة مؤثرة إلى الأمة الإسلامية، داعياً إياهم إلى التوحد والتعاضد، والعمل جاهدين من أجل نصرة القضية الفلسطينية، واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وأكد على أهمية توعية الأجيال الشابة بتاريخ فلسطين، وحثهم على المشاركة الفاعلة في الدفاع عنها.
اختتم هذا اللقاء بإمضاء اتفاقية للشراكة والتعاون بين جامعة تلمسان ممثلة بالبروفيسور مراد مغاشو والمجلس الإسلامي الأعلى ممثلا بالأستاذ الدكتور مبروك زيد الخير، بهدف تنفيذ وتطوير التعاون بينهما في المجالات ذات الاهتمام المشترك والمحدد لاستثمار قدراتهما وخبراتهما من أجل تحقيق التقدم والتطور في المجالات المشتركة بالنفع للطرفين وللمجتمع بشكل عام.