شهدت قاعة المحاضرات التي تحمل اسم المؤرخ الموسوعي الجزائري الراحل : أبو القاسم سعد الله صبيحة يوم الأحد 25 فيفري – شباط 2018 حركية غير معهودة باحتضانها تظاهرة أكاديمية نشطها الضيف الزائر المؤرخ الياباني ماساتوشي كيسايشي من جامعة صوفيا بطوكيو وتحديدا من كلية الدراسات الشاملة ، معهد الدراسات الشرق أوسطية و الافريقية ، وهو المعروف بأبحاثه التاريخية حول شخصية الأمير عبد القادر الجزائري و تاريخ الجزائر بشكل عام و دراساته حول الطرق الصوفية على وجه التحديد .
التظاهرة التي استقطبت جمهورا غزيرا من مختلف التخصصات و أساتذة باحثين و طلبة، تضمنت ورقة علمية حول موضوع : إعادة تشكيل الحركة الوطنية من خلال الصحافة الجزائرية في الفترة الاستعمارية ركز فيها على مثال غير معروف يتناول صحيفة " الروح " التي ظلت تصدر وتنشط في السرية نتيجة المضايقات الاستعمارية، وعلاقتها بزاوية الهامل غير البعيدة عن مدينة بوسعادة الرائعة على اعتبارها امتداد للطريقة الرحمانية ، حيث قدم الأستاذ المحاضر معلومات عن الصحيفة منذ تأسيسها و ظروف إخراجها و كيف تحول عنوانها منذ صدور العدد الثالث إلى "صحيفة الروح Esprit / l’Ame " و إذا كان العدد الأول منها قد ضاع فإن العدد الثاني الصادر يوم 02/07/1948 شكل أرضية بحث للأستاذ كيسايشي .
و اللافت للنظر أن سحب النسخ كان يتم بكتابة العدد عدة مرات على يد جمعية تحمل اسم :الشباب القاسمي،بينهم 13 محررا تتراوح أعمارهم بين 18 و23 سنة كانوا يوقعون مقالاتهم بأسماء مستعارة خشية انكشاف أمرهم لدى سلطات الإدارة الاستعمارية .
و أما مضامين الأوراق ، فهي تصب في مجملها حول قضية جوهرية هي التنديد بالاستعمار الفرنسي الغاشم و مظالمه اللامتناهية ، وتعبير صريح عن النزعة الاستقلالية ، و عليه فإن أهمية الجريدة تستمد مصداقيتها من حيث أنها وثيقة تاريخية هي كما أراد لها الأستاذ كيسايشي :صوت الفئات غير المعروفة في أوساط الجماهير الجزائرية ،و توفر مادة توثيقية.
كما تمثل أيضا ما كان يشغل بال الوجدان الجزائري و المواقف من الاستعمار ،وقضايا أخرى كالاستقلال و روح الوطنية و الأمة (القومية)، كما تضمن العدد الثالث تركيزا لافتا على مجازر ماي 1945 الرهيبة ووصفها بالجهاد الأول الذي يتطلع إلى الاستقلال مع اعتباره جهادا ناقصا ، يفرض مسؤولية أبناء الجزائر لأجل صيانة الوطن و تحصينه و الدفاع عن شرف الأرض و العرض باسم العروبة والإسلام في مواجهة لمخططات الفرنسة و التنصير.......
اللقاء كان أكاديميا بامتياز بالنظر إلى مستوى النقاش الذي دار بين الباحث الضيف القادم من بلاد الشمس المشرقة وقاعة المحاضرات التي اكتظت بالحضور حتى أن بعضهم ظل واقفا حتى انتهاء الأشغال ، ولعلها مبادرات طيبة تعزز الروابط وتفتح المجالات للحوار وتفتح آفاق جديدة في البحث وتقاسم الخبرات .
جميلة هي هذه المبادرات و مثل ها لقاءات للتبادل,,,